( موضــــوع متكــامل ) عقيدة الأبدية
صفحة 1 من اصل 1
( موضــــوع متكــامل ) عقيدة الأبدية
[size=29]الأبديـة
( موضــــوع متكــامل )
عقيدة الأبدية
إن سر تعب الإنسان فى هذا العصر هو إنفصاله عن الأبدية، لأن إنفصال الإنسان عن الأبدية
معناه هو إلتصاقه بهذا العالم الحاضر، والإلتصاق به ذا العالم الزائل وجعله هدفاً للإنسان هو
هدف غير مشبع بل أكثر من هذا هو هدف غير حقيقي لأن هذا العالم باطل وقبض الريح
ولايعطي للإنسان أآثر من الوهم والخداع .
لذلك إذا أردنا سعادة حقيقية فلا سبيل سوى الرجوع إلى الهدف الحقيقي الدائم ألا وهو
الملكوت الأبدي والحياة الأخرى . ولكن إذا سألنا أنفسنا عن المصدر الذي إستقينا منه عقيدة
الأبدية كانت الإجابة هى
[b]
1) الكتاب المقدس
إن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ومن الإصحاح الأول فى سفر التكوين حيث يقول
"فى البدء خلق الله السموات والأرض " من سفر الرؤيا "أنا آتى سر يعاً. آمين . تعال أيها
الرب يسوع " وحديث الكتاب المقدس لا يسكت قط عن الدعوة للأبدية والإستعداد لها ، لذلك
لايفوتنا قط ونحن نقرأ الكتاب المقدس أن ننصت إلى صوت الله الذى يعدنا ويقودنا إلى
السكني الدائمة فى الملكوت .
2) حياة السيد المسيح
إن تجسد الرب يسوع المسيح وحياته على الأرض آانت لهدف واحد هو إرجاع الإنسان إلى
الصورة الأولى والشرآة الأولى حيث يمنح الإنسان فى المسيح يسوع إمكانية الرجوع إلى
حضن الله والحياة معه فى الملكوت . ولذلك لاننسى ونحن نقرأ حياة الرب يسوع فى الأناجيل
الأربعة أنه جاء ليمسك بأيدينا ويقودنا إلى الملكوت خلال التوبة "توبوا لأنه قد إقترب منكم
ملكوت السموات " وخلال الحياة فى الكنيسة وممارسة أسرارها المقدسة التى هى عربون
الأبدية والملكوت .
3) الفداء والصليب
لماذا الصليب ولماذا الفداء؟ إجابة واحدة أجابها الرب يسوع المسيح للص اليمين وهى :
اليوم ت كون معى فى الفردوس .. فالصليب هو سحق الشيطان عدونا الذى كان يقف ضدنا
ويشتكي علينا لكى يمنعنا من الدخول للملكوت بحجة خطايانا وأثامنا .
ولكن جاء دم المسيح على الصليب وغسلنا وغفر لنا ومحا آلخطايانا فأصبح لنا فى الصليب
والدم الإلهى إمكانية العبور من ظلمة هذا الدهر إلى نور الملكوت والأبدية .
4) حياة الأباء القديسين
إن حياة القديسين الذين تركوا هذا العالم وزهدوا فى آلأمور حتى المباح منها وسكنوا
البراري وشقوق الأرض والمغائر بسبب آشف الله فزهدوا أكثر فى العالم، وجحدوا أنفسهم،
وقمعوا أجسادهم، ولو لم يكن هناك أبدية وخلود وملكوت ما قام هذا الجيش العظيم من
القديسين وتركوا العالم وإستعدوا لأبديتهم وقبل نياحتهم كشف لهم الله قبس من نور الأبدية
وأمجادها فكتبوا لنا وأرشدونا ونصحونا بأن نستعد ولانسمح لهذا العالم بأن يخدعن .
5) الموت
آليوم نحن نودع إنساناً من أحبائنا. البعض يموت فجأة والبعض يمرض قبل الموت . ولكننا
فى تلك الحالتين نحن نتساءل لماذا الموت؟ ولكن لانجد إجابة إلا آلمة الملكوت والأبدية ولو
لم يكن هناك قيامة من الأموات لكان هناك تساؤلات آثيرة عن الموت لانجد لها أي إجابة .
لذلك فالموت الذى نراه فى أحباؤنا وأصدقاؤ نا الراحلين سوف يحدث لنا يوماً من الأيام، لذلك
علينا أن نضع الملكوت والأبدية أمامنا كل حين حتى لانخطئ وننحرف وننسى مصيرنا.
6) أعماق الإنسان
إن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله ولما أخطأ وتجسد لكى يصلح هذه الصورة التى
أفسدتها الخطية . والإنسان مخلوق إلهى لايستريح إلا فى الأبدية "لأن الله جعل الأبدية فى
قلوبهم " ورجوع صورة الله فى الإنسان هو رجوعنا للأبدية التى حرمنا منها
بسبب خطايانا وفى أعماق الإنسان غريزة تدعى غريزة الأبدية ومحبة الأمور
الإلهية . ولذلك مهما أكلنا أو
شربنا أو تمتعنا بمسرات الجسد وغنا هذا العالم، فإننا دائما نصرخ فى أعماقنا لطلب شيء
لانعرفه ولانستطيع أن نعبر عنه، ولكن فقط نحس بالقلق والضجر حين ننساه . لذلك عليك
أيها القارئ العزيز أن تدخل إلى أعماقك وتحس بأن ما ينقصك وما تحتاج إليه هو الإستعداد
للأبدية بعد أن تتلامس مع ذلك الهدف .
7) قانو ن الإيمان
الذى وضعه الأباء القديسين فى المجامع المسكونية المتفق عليها، ونحن نقول (وننتظر
قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى ) هذه صرخة الكنيسة المملوءة بالإيمان والرجاء والحب ألا
وهى إنتظار حياة الدهر الآتى . لذلك أيها القارئ إن آنت تذهب إلى الكنيسة وتصلي و لكنك لا
تجد أي تعزية فلإنك لا تنتظر حياة الدهر الآتى .
إن الكنيسة تستعد للأبدية وتجعل أبناءها يستعدون أيضاً. ولكن إن دخلت إلى
الكنيسة وأنت مازلت تتعلق بهذا العالم وليس لديك إستعداد أن تتوب عن شهوات
الجسد وشهوات العيون
وتعظم المعيشة فإنك إنسان تائه ولا سلام لك .
أخيراً أيهاً القارئ العزيز بعد أن عرفت قيمتك أنها فى الأبدية وأن الهدف الحقيقي هو الأبدية،
أرجوك أن تدرب نفسك على تلك التدريبات البسيطة حتى يكون لك نصيب فى تلك الأبدية :
إجلس آليوم ولو لخمس دقائق مع نفسك وحاول أن تنفصل عن آل العالم الخارجي المحيط
بك ودرب نفسك على وجود شرآة مع الله خلال إبنه يسوع المسيح ربنا فى الروح القدس .
إكتب خطاياك وشهواتك التى تحرمك من الأبدية . لو أن الله قال لك (اليوم تؤخذ نفسك منك )
وصل لله من أجل هذه الخطايا والشهوات لكي يعطيك توبة عنها.
إقرأ إصحاح فى الكتاب المقدس آليوم وحاول أن تنصت إلى صوت الله . إجعل من الكتاب
المقدس تدريبات تسلك فيها حتى تصل إلى الأبدية .
إجعل من الإعتراف والتناول إستعداد للأبدية والملكوت وإحذر أن تكون ممارستك للإعتراف
والتناول كروتين بلا روح .
أخيراً إعلم أيها القارئ العزيز أن الرب يسوع يريد أن يأخذك معه فى الملكوت
وهو قد دفع كل شيئ آثمن لدخولك ولكن فقط تمسك بالحياة الأبدية التى دعيت
إليها ولاتنسى تلك الدعوة
وسط إنشغالات الحياة . هيا إستعد فأنت لاتعلم ماذا تبقى من العمر حتى
لايضيع العمر وانت غارق وسط تيارات العالم وعندئذ تندم ولاينفع الندم،
وتطلب التوبة ولا تجده ..هيا
فان الرب يسوع المسيح ينتظر توبتك وينتظر رجوعك إليه والقديسون يفرحون حين توجه
نظرك وقلبك وهدفك نحو الأبدية لأنهم يصلون كل يوم من إجل وصولك لتنضم إلى موآبهم ويكون
لك نصيب معهم فى الأبدية .
[size=29]الفصل الثانى
التوبة والأبدية
فى سر المعمودية نحن ننال البنوة فنصير أولاد الله . وفى هذه البنوة نحن ننتسب للملكوت فنصير أولاد السماء
ولكن هذه النعمة وهذا الإمتياز يحتاج إلى جهاد حتى لانفقده بل نحتفظ به وهذا الجهاد هو جهاد التوبة الدائمة .
لذلك كانت التوبة هى العمل المتمم للمعمودية وسر التوبة هو سر نوال ما فقدناه من بركات المعمودية بسبب
الخطية التى نسقط فيها دائما.
والكنيسة لها عمل واضح هو الإعداد للأبدية والملكوت وهى تحمل كرازة المسيح من أجل رجوع
بنيها الي الفردوس. وهذا الرجوع يتم بالتوبة الدائمة التى يكرز بها الرب يسوع المسيح عن طريق الأباء الكهنة
"توبوا لأنه قد إقترب منكم ملكوت الله " فهنا التوبة هى خطوة للسير نحو الملكوت .
وحينما قدم اللص اليمين توبته على الصليب سمع صوت الرب يسوع أنه
سيكون معه فى الفردوس . ولو لم يتب اللص اليمين ما استطاع أن يدخل الفردوس
.
وسر التوبة هو قوة الكنيسة وبهجتها وفرحها فلا يمكن أن تكون هناك قوة فى
الكنيسة بدون توبة ولا يمكن ان يكون هناك توبة بدون عمل الروح القدس لأن
الروح القدس هو الذى يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونه
والشيطان يعمل فى حياة الناس من أجل تسويف التوبة وتأجيلها حتى يحرم الإنسان من الملكوت. ولذلك علينا
فى كل يوم أن نقدم هذه التوبة، وعلينا أيضاً أن يكون لنا صلوات التوبة والندم على خطايانا قبل أن نتقدم
للإعتراف بها لله فى حضرة الكاهن الذى هو مندوب ووكيل عن الرب يسوع ليمنح قوة الغفران فى صليب المسيح.
أما خطوات التوبة فهى آما يلي
1) حساب النفس
ما أحوجنا أن نحاسب أنفسنا كل يوم وكل أسبوع وقبل كل تناول . ما أجمل أن يحاسب
الإنسان نفسه ويكون أميناً فى حسابه حتى لا يطرح من الأبدية بسبب البر الذاتي وظنه فى
نفسه أنه شيء .
وفى حساب أنفسنا نحن نلاحظ أفكارنا وأفعالنا وآلامنا ونضع معيار المسيح ومعيار الوصية
ونسأل أنفسنا عن كل تقصير . ولكن يجب ألا نفقد الرجاء فى خلاصنا ولانسمح لليأس أن
يدخل فى قلوبنا.
2) صلاة التوبة
إن صلاة التائب مقبولة أمام الله لأنها مملوءة بالإتضاع وهى ذبيحة تفرح بها الملائكة ويفرح بها القديسون .
صلاة التوبة مصحوبة بالدموع التى يغلب منها الله . صلاة التوبة هى رجوع الإنسان إلى
العلاقة الأولى والبنوة الأولى وهى بمثابة إغتسال وتنقية لذلك نحن ننصح بعد كل جلسة
حساب مع النفس أن نأخذ فترة صلاة .
أما مزامير التوبة فهى المزمور ( 51 ) "إرحمنى يالله آعظيم رحمتك " ومزمور "الرب
يرعانى "
ومزمور "الساآن فى ستر العلى "
ومزمور "الرب نورى وخلاصى "
لذلك ليتنا نردد هذه المزامير مع صلوات إرتجالية أخرى حتى نعلن لله والقديسين توبتنا ورجوعنا.
3) الإعتراف والحِل
مع جلسة الإعتراف نحن نشتكي أنفسنا وندين ذواتنا. لا يكون لنا دالة مع أب إعترافنا بل هى جلسة
فيها خشوع وفيها إحساس بحضور الله . وكل ما إكتشفناه فى أنفسنا من خطايا وتقصير نحن
نفضحه أمام الله فى حضرة أب إعترافنا حتى نأخذ الحِل بصلاة الكاهن الذى يحمل الروح
القدس فى الحل والربط . فنخرج من جلسة الإعتراف ونحن مملوءين بفرح التوبة وفرح
الغفران وفرح إمتلاك الله لنا بعد وعدنا إياه ألا نرجع إلى الخطيئة مرة أخرى .
وأخيراً أرجو أيها القارئ العزيز أن تجيب على هذه الأسئلة بكل أمانة ووضوح وصراحة مع
نفسك :
- هل لك أب إعتراف أم لا ؟
- إذا لم يكن لك أب إعتراف فما هو السبب فى ذلك ؟
- هل تحس بأهمية الإعتر اف أم إنك بضمير مستريح تتناول من جسد الرب ودمه ؟
- ما هى الخطايا المتكررة فى كل إعتراف ؟
- هل تشعر بفرح وتعزية عقب الإعتراف ؟
- هل تدين نفسك فى جلسة الإعتراف أم هى جلسة دردشة روحية ؟
- هل تحاسب نفسك بدقة قبل جلسة الإعتراف ؟
- هل تجري بإشتياق وتبحث عن اب إعترافك أم إنك تفرح حين لا تجده أمامك ؟
- هل تدين أب إعترافك أحياناً وتشك فيه ولا تخضع له أم أنك تحبه ومحبتك له تجعلك تقبل
كل نصائحه وإرشاده ولاتفكر فيه قط أي فكر سوء ظن ؟
- لماذا لا يوجد توبة عن خطايا معينة متكررة فى حياتك ؟ وماهو مدى تقدمك فى ترك هذه
الخطايا ؟
وبعد أن تجيب على هذه الأسئلة بصراحة لابد أن تضع نفسك أيها القارئ العزيز فى أحد هذه
المجموعات من الناس :
أولاً: المتفرجين
الحياة الروحية بالنسبة لهم هى فرجة ينظرون إلى الناس بمنظار النقد وينتقدون كل أحد .
والعظات الروحية هى لغيرهم، ودعوة التوبة هى لآ خرين .. يتفرجون على المعجزات
ويحكونها ولكن لايهمهم أن يكونوا مع المرأة التى لمست هدب ثوب الرب فخرجت قوة وشفتها
ثانياً: النائمين
الإنسان النائم لا يتأثر بمن حوله لا يراهم ولا يسمعهم ولا يتحدث معهم . هو فى عالم آخر
ولو أنه محسوب ضمن الأحياء ..لذلك يقول الرسو ل بولس "إستيقظ أيها النائم فيضيء لك
المسيح " وجماعة النائمين فى الكنيسة هم الذين لا يحسون بعمل المسيح ولا يرون محبته ولا يشعرون بقوته
ثالثاً: المائتين
هم الذين إنفصلت حياتهم عن الرب يسوع المسيح مصدر الحياة . هم لايحسون فقط بل هم لا
يحسون فقط بل هم مفصولي ن عن الحياة . لذلك فإن رائحة العفن قد ضربت فيهم وأنتنت
قلوبهم وحواسهم . هم أصبحوا مثل ألعازر فى القبر .
ولكن السؤال الآن إليك أيها القارئ
هل تريد أم لآ؟
إذا كنت تريد فالله يقدر أن يخلصك .
فقط لاتيأس بل إقبل كلمة الحياة حيث يتغير إنسانك العتيق .
إقبل حب المسيح حتى ترتفع من المزبلة لتجلس معه .
إنفصل عن الخطية لكي تتحد به .
إترك الشر لكى يكون لك شرآة معه .
هيا تعال إن كنت متفرجاً فإنه يجعلك شريكاً للطبيعة الإلهية . وإن كنت نائما فإنه يوقظك كما
أيقظ الملاك بطرس فى السجن .
وإن كنت مائتاً فإنه يقول لك هلم خارجاً من قيود الخطية .
ولكن هل فهمت الآن معنى التوبة والإعتراف ؟
إنه إحساس بفداحة الخطية والإبتعاد عنها كما نبتعد عن النار التى تحرق والبحر الذى يغرق
والوباء الذى يهلك .
إن التوبة هى إلتجاء النفس المحتاجة إلى النجاة .
أما أب الإعتراف فهو الطبيب الذى عنده الدواء والمرشد الذى يقود القارب إلى شاطئ
النجاة . فهو يقودنا إلى شاطئ الأبدية حتى يكون لنا نصيب مع جماعة التائبين "الذين
غسلوا ثيابهم وبيضوها فى دم الخروف ".
يارب إجعلنا نتوب حتى نحسب مع جماعة التائبين ويكون لنا نصيب معهم فى ملكوتك
ولاتسمح أن نخيب من نعمتك فنحسب مع المتفرجين أو مع النائمين أو مع المائتين .
الفصل الثالث
التناول والحياة الأبدية
فى الصليب والفداء نحن ننال الحياة الأبدية، حيث أعلن الرب يسوع من فوق الصليب فتح باب
الفردوس للبشرية كلها ممثلة فى شخص اللص اليمين . ولكن هذه الحياة الأبدية التى منحت لنا
عن طريق فداء الرب يسوع على الصليب لانستطيع أن ننالها إلا عن طريق الأسرار . ولذلك
كانت الأسرار فى الكنيسة هى عربون الحياة الأبدية وإستحقاقات الصليب والفداء .
وهكذا أصبح نوال الأسرار هو نوال عربون الملكوت . والإستعداد للأ سرار هو إستعداد للأبدية . والإيمان
بالأسرار هو إيمان بالخلود والبعث .
وسر التناول هو سر نوال جسد الرب المصلوب وشرب دمه المسفوك على الصليب من أجل
غفران خطايانا حتى نستطيع أن ننال عن طريق ذلك الغفران الحق فى الدخول إلى حضرة الله
لتأكيد حقنا فى الملكوت من قبل الصليب حيث أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ
وقال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً هذا هو دمي الذى للعهد
الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا".
1) الإيمان بالسر
إن العقل البشري كثيراً ما يفكر صارخاً" كيف يقدر أن يعطينا جسده لنأكل " (يو 6
كان يسوع يجلس وسط التلاميذ ويتحدث إليهم وهم يبصرونه بعيونهم ولكنه بعد أن صلى على
الخبز وباركه قال لهم : " هذا هو جسدي .. هذا هو دمي ". كيف يحدث هذا ؟ وكيف تم ؟
السؤال هو هل يستطيع المسيح أن يصنع هذا الأمر أم لا ؟ وإذا كان يستطيع فلماذا لانصدق ؟
إن الإيمان بالسر هو الإيقان بالأمور التي لا ترى التى هى سر التحول . أي تحول الخبز
والخمر إلى جسد ودم المسيح . لأن المسيح يحضر فى كل قداس وهو بنفسه يقول على فم
الكاهن ويشير بيد الكاهن : هذا هو جسدي وهذا هو دمي .. إن الإيمان بالسر هو إيمان بالثالوث
وإيمان بالفداء .
وهذا الإيمان هو دعوة للسير نحو الملكوت
"لأنه بدون الإيمان لا يمكنإرضاؤه".
لذلك فى ممارستنا لسر التناول يجب أن نعلن إيماننا حين ينادي الشماس ويقول (أؤمن، أؤمن
أن هذا هو بالحقيقة آمين " وحين يعلن الكاهن إيمان الكنيسة ويقول (جسد حقيقي .. ودم حقيقي )
فلنقدم صلاة تبرهن على إعلان إيماننا هذ ا.
2) الإستعداد للسر
إن برهان إيمانا بأن التناول هو ليس خبزاً وخمراً بل جسد ودم عمانوئيل يتمثل فى إستعدادنا
للتناول؛ وهذا الإستعداد يتضمن :
- ضرورة التوبة والإعتراف قبل التناول .
- قضاء فترة صلاة و إختلاء قبل التناول وياحبذا لو كان فى اليوم السابق .
- حضور القداس الإلهي مبكراً على قدر الإمكان حتى ننعم ببرآة الصلوات .
- تقديم الخشوع والصلوات المناسبة وقت التناول .
- من المفضل ألا يكون يوم التناول هو يوم صاخب ملئ بالأعمال والمشغوليات والخلطة
والأحاديث و لكن يا حبذا لو يكون يوماً هادئاً نقضيه فى قراءة الإنجيل والهدوء على قدر
الإمكان مع عدم الخلطة .
- الإستعداد الجسدي يتضمن طهارة الجسد والصوم والإبتعاد عن المعاشرات الزوجية ليلة
التناول .
- أما الإستعداد النفسي فهو عدم الخصام والعراك مع الآخرين بل التصالح معه من قبل المجيء للتناول .
- والإستعداد الروحي هو التوبة والتعهد بترك الخطية مع مضاعفة العبادة والصلوات
والشرآة مع الله بعد التناول .
3) المواظبة والإستحقاق
إن الشيطان كثيراً ما يحاربنا لكي يمنعنا من التناول، وفى حرماننا من التناول هو حرمان من
الملكوت . لذلك يحارب الشيطان بكافة الطرق والوسائل ليجعلنا نحجم عن التناول . وهو فى
ذلك يستخدم بعض الآيات من الكتاب المقدس مثل قول الرسول بولس "إذا أي من أكل من هذا
(27 : الخبز أو شرب كأس الرب بدون إستحقاق يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه "
( 1كو 11 ) .
وأي منا يستطيع أن يتحمل أن يكو ن مجرماً فى جسد الرب ودمه . لذلك يقترح علينا الشيطان
أن نهرب من التناول . ولكن علينا أن نعرف معنى التناول بدون إستحقاق :
- هو التناول بدون توبة وإعتراف بخطايانا وتعهد قلبي بترك الخطية .
- هو التناول بدون إيمان أن هذا هو جسد الرب ودمه .
- هو التناول بدون خش وع لائق بكرامة هذا السر .
- هو التناول بدون مواظبة . لأن التناول بدون مواظبة هو إحتقار لوصية الرب لنا أن نأكل
ونشرب ونتناول كل حين من أجل خلاصنا.
- التناول بدون إنسحاق وإتضاع يليقان بكرامة هذا السر .
وهكذا ونحن نتقدم التناول ليس لإستحقاقنا، لأنه لا يوجد على الأرض كلها من هو مستحق أن
يتناول من جسد الرب ودمه . ولكننا نتناول من أجل إحتياجنا الروحي كما يعلن الكاهن ذلك
(يعطي خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه ).
ولذلك علينا أن نتقدم للتناول ونحن واثقين من عدم إستحقاقنا ولكن بإحساس الإحتياج "طوبى
للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون " إنه دواء يقدم للمرضى . وغذاء يقدم للجياع . دفء
يقدم للعرايا. لذلك نحن نتقدم لنأخذ قدر إحتياجنا وليس قدر إستحقاقنا.
ومن أجل ذلك كانت الصلاة الرئيسية فى القداس الإلهي هى {كرياليسون أي يارب أرحم } ،
لأنه لو لم يرحمنا ما إستطعنا أن نتقدم للتناول، ولأصبح تناولنا بغير إستحقاق . ولذلك نحن
نصرخ فى القداس كل حين وبعد كل صلاة يصليها الكاهن {كيرياليسون .. يارب إرحم }.
4) عمل السر
إن لسر التناول عمل إلهي فى النفس يجب أن نتيح الفرصة لهذا العمل بأن نفتح قلوبنا، ونشتاق
بإرادتنا، ونطلب من كل قلوبنا هذا العمل الإلهي . وبالإضافة إلى غفران خطايانا التى يتم
حصولنا عليها بالتناول بعد إعترافانا بها.
يوجد أيضاً ثمار للتناول هى
( *الحياة فى المسيح هى ثمرة التناول من جسده ودمه "من يأكلني فهو يحيا بى " (يو 6:57
وهذه الحياة هى شركة وصلة مستمرة حيث يسكن المسيح فينا. ونصير بالتناول هيكلاً
روحياً يسكن فيه المسيح . وعلامة هذه الحياة أن يمون لنا صفات المسيح من حب وبذل
ووداعة وتواضع . لأن من يأخذ المسيح فإنه يصير له صفاته " وكما سلك ذاك هكذا يسلك
يسلك هو أيضاً " ( 1يو 2:6 ) فالحياة فى المسيح هى أن نتحد معه ويصير لنا ماله لأنه يأخذ
مالنا. وبرهان حياة المسيح فينا هو الحب الذى يملأ كياننا ونترجمه إلى صلوات حارة
دائمة .
الثبات فى المسيح
"من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه " (يو 6:56 ) والثبات فى
الرب يحتاج إلى نعمة وهذه كامنة فى التناول . والثبات فى الرب هو ثبات سلوكي وليس
( ثبات كلامي " من قال أنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك يسلك هو أيضاً " ( 1يو 2:6
ولذلك الثبات فى المسيح هو ثبات فى كلامه الإلهي المسطر فى الكتاب المقدس "أنكم أقوياء
.( وكلمة الله ثابتة فيكم " ( 1يو 2:14
لذلك فى يوم التناول يجب أن نقرأ فى الكتاب المقدس أكثر من أي يوم آخر . لذلك رتبت
الكنيسة أن يكون هناك قراءات من الكتاب المقدس فى القداس الإلهي وحتمت علينا أن
نحضرها وننصت إليها.
والتناول والإنجيل كلاهما يعطي قوة الثبات إذا إتحدت مشيئة الإنسان فى السلوك مع مشيئة الله.
الخدمة والكرازة
كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم من هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى
.( أن يجيء " ( 1كو 11:26
فالتناول هو سند الخادم . ولا خدمة بغير تناول، ولا تناول بغير خدمة . ولذلك نقول فى
القداس الإلهي {آمين آمين بموتك يارب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السماوات
نعترف ...}.
الحياة الأبدية
هى هدفنا وغايتنا الدائمة التى نجاهد من أجلها. والتناول هو سر الإستعداد
للأبدية بل هو عربون الأبدية "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية " (يو 6:54 ). إن
التناول يجعلنا نحيا مع المسيح هنا على قدر شوقنا وطهارة قلوبنا. ويجعل لنا نصيباً قدر
شوقنا وطهارة قلوبنا، ويجعل لنا نصيباً معه هناك فى الملكوت مع القديسين .
آمين إعطنا يارب حسب حبك وجودك وليس حسب إستحقاقنا.
بن الملك- مشرف عام
- عدد المساهمات : 187
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 29/10/2011
العمر : 63
الموقع : قلب يسوع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى